الأربعاء، ٤ فبراير ٢٠٠٩

مشاهد من رحلة رفح


منذ حوالى العام حدث ان اقتحم الفلسطينيين السلك الشائك بين رفح المصرية و الفلسطينية و اصبحت الحدود مفتوحة بين البلدين و كانت فرصة لكثير من الشباب للذهاب الى رفح المصرية و العبور منها الى رفح الفلسطينية و وقتها عرض على بعض الاصدقاء ان ارافقهم فى رحلة الى رفح و لكن ظروفى الشخصية فى هذا الوقت لم تكن تسمح لى بترك القاهرة , هذا الى جانب انى بصراحة لم تكن عندى الحماسة الكافية لهذه الرحلة ... و مع حدوث العدوان الاجرامى الصهيونى على غزة , و جدت بداخلى دافع غريب للذهاب الى رفح على عكس المرة السابقة, و رغم ان الاصدقاء هذه المرة اخذوا فى تحذيرى من الذهاب إلا ان الدافع الداخلى كان اقوى و لا اعرف إذا كان هذا الدافع هو احساس بالندم على إضاعة فرصة الدخول إلى ارض غزة (ارض الرباط) ام كان الدافع هو احساس بالذنب عن عدم استطاعتى ان افعل شيئا من اجل شهداء غزة ام هو احساس بأنه يجب على ان اكون موجودا بجوار غزة وهى تضرب بما انى لا استطيع ان اكون داخلها ... ام هو حب استطلاع لمعرفة ما يحدث فى غزة او على الاقل على الحدود .
و كان القرار بالذهاب الى رفح .... و ذهبت الى رفح ... و كانت هذه المشاهد من رحلتى القصيرة لمدة 36 ساعة الى رفح "المصرية".



المشهد الاول
(مصر تحارب فلسطين)



و هذا اكثر المشاهد وضوحا فى رفح .. او قل هذا هو الاحساس الذى سينتابك و انت فى رفح ... ففى الطريق الى العريش او الى رفح ستجد تفتيش على البطاقات سواء كنت فى طريق الذهاب او طريق العودة و الغرض من التفتيش هو البحث عن فلسطينيين ليصبح نجاح المخبر فى الوصول الى فلسطينى فى السيارة ليقوم بانزاله و التأكد من اوراق اقامته و صحتها و ماذا يفعل بالضبط (باعتبار) ان وجود فلسطينى على ارض مصر هو امر غير عادى و مريب .. فالفلسطينى الموجود فى مصر هو فى الاساس متهم و هى رسالة لكل فلسطينى انه شخص غير مرغوب في وجوده فى مصر ...
و اذا وصلت الى مدينه رفح تجد المدينة حقا محصنة فهناك امن مركزى و جيش مصر الباسل و مباحث و مخابرات و امن دولة و غيرها من الاجهزة الامنية و المتاريس فى الشوارع و السؤال البديهى هو : هى مصر خايفة من اسرائيل؟ فتأتى الاجابه من اى واحد فى الشارع: لأ طبعا .. مصر خايفة من الفلسطين و ان الفلسطينيين يدخلوا مصر .. و كلما زاد الضرب على غزة و على رفح الفلسطينية (و هذا امر تستطيع ملاحظته بسهولة و انت تسير فى رفح) تزداد التعزيزات الامنية فى رفح المصرية تحسبا لدخول اى فلسطينى فارا من الحرب او الضرب او حتى طلبا للغذاء او الدواء و لعل هذا التصرف المصرى هو الذى ادى الى اشتباك الجيش المصرى مع مجموعة من الفلسطينيين الذين فروا من احدى الغارات الاسرائيلية الى رفح المصرية ليفاجئوا بالرصاص المصرى يستقبلهم فحدث الاشتباك الذى ادى الى مقتل شاب فلسطينى و ضابط مصرى... و طبعا ما تفعله مصر ضد الاتفاقيات الدولية التى تمنع اغلاق الحدود امام الفارين من الحروب .. فما بالك اذا كان الفارين هم اشقاء العروبة و الاسلام ؟!!
و عندما احببت ان انسى الحرب و احصل على صورة لغزة التى تظهر امام عينيك وجدت ان ذلك ممنوعا حتى انه اصبح ممنوعا على اهالى رفح انفسهم .. فقد يتعرضون للقبض عليهم اذا صور احدهم رفح الفلسطينية من داخل منزله مخافة ان تتسرب هذه الصور للصحفيين و ان يكون فى هذه الصرو ما يوضح الخراب و الدمار الذى خلفه الاعتداء الصهيونى على غزة .. و اذا ما تركنا رفح المدينة ذهبنا الى رفح المعبر تكتشف حقيقة ان كل ما يقال فى العلام المصرى الرسمى ((كذب)) فاهل غزة لا يريدون ان يقيموا فى سيناء بل سنجد اهل غزة الموجودن فى مصر يريدون ان يعبروا الى داخل غزة و هو يشاهد الطائرات الاسرائيلية تقصف بيوتهم ... ستكتشف ايضا ان المعبر لا يفتح الا عدد محدود من الساعات و انه لا يدخل من معبر رفح الا الدواء اما الاغذيه و حتى البطاطين و الملابس فلا يسمح بدخولها الا عن طريق العوجة او معبر كرم ابى سالم و هى معابر تحت سيطرة اليهود ولا تعرف لماذا تفعل الحكومة المصرية ذلك ... كنت هناك و شاهدت اعتصام الاطباء المصريين و العرب و اعتصام امناء النقابات الطبية بالعالم العربى و معهم امين اتحاد الاطباء العرب (د. عبد المنعم ابو الفتوح) و مصر ترفض دخولهم الى غزة لإنقاذ الحالات الحرجة التى لا يمكن نقلها و جاء وزير الصحة و رفض مقابلتهم فى البداية و بعد فترة وافق على مقابلة ممثل عن الاطباء (د. مدحت عاصم) لتسمع اغرب رد من وزير الصحة المصرى و هو ان اسرائيل لا تسمح بدخولهم مع العلم ان معبر رفح هو معبر مصرى فلسطينى و لا يوجد لاسرائيل اى علاقة بالمعبر لأن اسرائيل انسحبت من قطاع غزة منذ عام 2005 ..
(بالمناسبة بعد عودتى بيومين دخل بعض الاطباء الى غزة بعد الاذن طبعا).
اليست كل هذه المشاهد تشعرك بان مصر تحارب فلسطين ... لقد كنت متعجبا من المظاهرات التى امام السفارات المصرية و كنت غاضب من حرق العلم المصرى و لكن يبدو ان المصريين هم آخر من يشاهد او يعرف ما يحدث فى مصر .... لقد التمست لهم بعض العذر .. فالظاهر للعيان ان مصر تحارب فلسطين و الحكومة المصرية لم تقل او تفعل ما ينفى ذلك.. و لكن السؤال الآن لماذا تحارب مصر فلسطين و الفلسطينيين؟؟؟؟


كان هذا المشهد الاول و تتوالى المشاهد...

ليست هناك تعليقات: