الثلاثاء، ٣ يونيو ٢٠٠٨

أبى فيلسوف البساطة


فى يوم الجمعة 2\5 و فى وقت اذان الجمعة كان موعد لقاء ابى بربه
و قد وصفت امى هذه الوفاة انها تمت ببساطة, نعم.. ففى لحظات تمت الوفاة و بلا مقدمات واضحة و كأن الوفاة البسيطة ما هى إلا تتويج لحياة ابى البسيطة, فأبى يحمل تاريخ المواطن او قل الوطن المصرى.. فقد عاش ابى اكثر من ثمانين عاما..

عاش الملكية بطحنها للفقراء و حريتها السياسية و خرج فى مظاهرات تهتف بسقوط الملك...
و عاش الثورة و فرح بها و انكوى بقيدها و ديكتاتوريتها ...
وعاش نصر 73 و طحنه الانفتاح برحاه مع من طحن من موظفين القطاع العام...
وعاش عصر مبارك و شهد سرقة البلد و تمنى ان يرى نهايته كما رأى نهاية من قبله لكن القدر لم يمهله فتوفاه الله قبل ان يسرق مبارك معاشه و تأمينه الصحى.

كان هدف ابى فى حياته مثل كل مواطن مصرى بسيط ان تستمر الحياة رغم كل الصعاب و رغم كل القهر.. هدف بسيط لكنه عبقرى.. فالعبقرية فى البساطة و لا يشعر بعبقريته الا من ذاق قهر النظام فى بلدنا....
عاش باهداف بسيطة و ادوار بسيطة و لكنها عظيمة و اداها فى سهولة و يسر و نجح فيها, أبى لم يعرف يوما المظهرية او الزخارف الدنيوية و لكنه عرف ان له دور هو و هو ان يستطيع ان يوفر الستر و التعليم و التربية الحسنة لأبناءه حتى يصل بهم الى بر الامان و بر الامان عنده هو ان يكون كل واحد من ابناءه قادر على تحمل مسئوليته.
برع ابى فى التربية و كان مضرب المثل للأبوة فكان يتمتع بحنان الاب و بحزمه و اعطاؤه الحرية لأبناءه فى الاختيار بعد التوجيه و النصح...
لكن لعل ما قلته يشترك فيه ابى مع غيره من مواطنى مصر البسطاء و لكن ما سوف اقوله اظنه مختلفا, فقد كان لأبى دور اجتماعى كبير شعرت به يوم عزاءه عندما جاء إلينا القريب و البعيد يحمد لأبينا ما فعله معه, فهذا عينه ابى فى وظيفة ما و هذه اصلح بينها و بين زوجها و آخر ارشده كيف يربى ابنه و رابعا ساعده سرا (جمعية خيرية متنقلة بلا مقر ولا لافتة او اعلان.. هكذا كان ابى)

و الامر العجيب هو تفهمه لكونه خريج ازهر.. فكان يقول ان خريجى الازهر هم علماء الامة و يجب ان يكون لهم _و قد كان له_ دور... فمنذ ان كان طالبا و انشئ مسجد قريته, خطب فى الناس و علمهم دينهم و فى فترة الستينات عندما ضيق على الخطابة ظل يمارس دوره فى عمله و اسرته و جيرانه و ما لبث ان عاد إلى الخطابة فحتى وفاته و قد تجاوز الثمانين كان حريصا على خطبة الجمعة, حتى اختار الله وقت الخطبة و هو الوقت الذى يحبه ليكون وقت وفاته و لقاء ربه ليموت ببساطة و يغسل و يدفن بسهولة و بساطة كما كان يتمنى....و ليترك نموذجا فى العبقرية و الفلسفة و البساطة.

هناك ١١ تعليقًا:

البرقي يقول...

الله يرحمه يا محمد
ويرزقه الفردوس الأعلي - اللهم آمين
كنا كل مانزوره نخفف عليه انك معتقل كان هو اللي يثبتنا ويفكرنا بحكمة الابتلاء واننا لازم نصبر
بإيجاز :
من يري محمد ومحمود ومنال بطيبتهم واخلاقهم العالية وشهامتهم وتدينهم لازم يعرف انهم نتاج طبيعي لأب وأم زي والدك ووالدتك

الكواكبي يقول...

جميل جداً ان نتذكر أصحاب الفضل علينا وألا ننسى ما بذلوه من اجلنا
فكرة موفقة يا محمد انك تخلد ذكرى عمو الشيخ علي بكلام بسيط وصادق زي اللي انت كتبته ده
طبعاً انا مش موافقك في وصفك انه كان جمعية خيرية متنقلة؛ هو كان شيء أهم كان انسان ببساطة على رأيك
انا طبعاً اسعدني الحظ انك اتحبست لك حوالي 9 شهور على ذمة العسكرية كنت باشوفه خلال الفترة دي مش اقل من مرتين او 3 في الاسبوع الواحد وده قربنا من بعض جداً ويمكن ده احساس من طرف واحد بس بالنسبة لي على الأقل كنت حاسس بيه

من الطف الحاجات ان عمو علي كان بيقعد يحكي لي قصص عن شقاوته والخناقات اللي كان بيتخانقها ويحكي لي ابوه عمل ايه فيه وجده عمل ايه فيه وايه الكوارث اللي سببها وهو في سني - كنت لسه طالب في الجامعة - وما الى ذلك وانا مستمتع جداً لحد ما ادركت بعد ييجي سنتين انه كان قاري شخصيتي وعرف اني ما باجيش بالقفش فبدأ يحاول يصلح ما افسده الدهر ويعملي تربية بالتوجيه غير المباشر
رحم الله والدنا الشيخ علي ورزقه صحبة الرسول في الجنة ان شاء الله

أبو حبيبة يقول...

السلام عليكم
رحم الله والدكم الكريم...
حقيقة لم ألتق به من قبل، وإنما حادثته هاتفيا مرات عديدة.. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

يسعدني مروركم على مدونتي
http://abohabeba.blogspot.com/

عمر أفندى و أبووه يقول...

يااااااااه يا قصاص

كلامك عنه بجد من القلب و وصل الى القلوب...

انا قابلت عمو على مرات ليست بالكثيرة فى فترات حبسك السنتين اللى فاتوا...بس بجد و الله العظيم عنده قدرة غير عادية على الاستيعاب و الحديث معاك بطريقة من يعرفك منذ زمن بعيد..انا كنت اراه الاب ليس لك وحدك و لكن لنا جميعا و حتى الدكتورة عفاف اللى كانت مسئولة عنه فى جلسات الغسيل اللى كان يحكى عنها مثل ابنته و اكثر ...

ربنا يتغمده فى فسيح جناته يا رب و يرزقه الفردوس الاعلى و ببساطة ايضا...

أحمد عبد العاطي يقول...

رحمه الله وعوضكم خيرا
ونشكر صدق مشاعرك
ونأسف لقلة كتاباتك
تحية لك من القلب

فليعد للدين مجده يقول...

أخي محمد
رحم الله الوالد الكريم
إن توقيت القبض يوم الجمعة ساعة صلاتها وقت اجتماع الملائكة لشهود الصلاة لهو علامة قبول وبراءة نسال الله تعالي ان يكرمه وهو في رحابه

كن خير خلف لخير سلف

غير معرف يقول...

انا كنت عنده رحمه الله ذات مره وحضرتك كنت مشرف فى السجن ودعيت على الظالمين وقلت اللهم احصهم عددا ى واقتلهم بداا ولا تغادر منهم احدا
فقالى لا ياحاتم احنا نقول حسبنا الله ونعم الوكيل الحقيقه اتاثرت جدا وحسيت فعلا بصدق مقولة حسن البنا منا وليس فينا رحمه الله رحمة واسعه

mahmoud salah يقول...

كانك بتتكلم عنك يا قصاص أظنك ورثت منه الكثير .وده راى الجميع بما انك ليهم (فقصاص للجميع)عربية ميرا دايهاتسو صغيره آآه... بس ممكن تشيل حسن على وعبدالله الطحاوى ومحمد القصاص ومعاهم همومهم ومشاكلهم ومتقلش لأ..
الميرا صغيره ف حجمها لاكن كبيرة بمعانيهافالدنيا تقطعهاذهابا وايابا ولا تمل ولا تكل وبنزين 80 بالمناسبة..عادى
رحم الله الوالدولكم اللقاء به فى الجنه.

ابراهيم يقول...

لي راي شخصي ان الاباء يصنعون ابنائهم من خلال افعالهم وكلماتهم ومشاعرهم
فبهم يخرج النبت اما طيبا ذكي النفس صلب العود قوي
او هزيل خبيث النفس ضعيفا
وان نحسن الظن فية ولانزكية علي الله نحسبة ليس لانني اكتب في مدونتك ولكن لان صورتة ووجهة يشير الي طيب نفسة وحسن سيرتة وطهارة ذكرة
ادعوك لزيارة مدونتي واتمني التواصل الدائم بيننا

غير معرف يقول...

البقاء لله يا مولانا
الحمد لله على كل شيء
ربنا يجعلك خير خلف له
ويقدرك على أسرتك ان شاء الله

محمد
ملحوظة: ارسلتلك اليوم..ياريت تقرا الرسالة

غير معرف يقول...

و الله اخوى
احب اقول
الك
البقاء لله
رحم الله الفقيد و تغمدة صريح جناته
هو و جميع موتى المسلمين اجمعين
اللهم امين